قم بمشاركة المقال
انتشرت خلال الفترة الماضية "تحديات قاتلة" موجهة للأطفال عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، ما أثار حالة من القلق والترقب بين الأسر، ودفع لطرح التساؤلات حول أسباب انتشار تلك التحديات وتداعياتها على صغار السن، وسبل مواجهتها.
وفي حلقة جديدة من مسلسل انتشار "التحديات القاتلة"، حذرت وزارة التربية والتعليم المصرية من انتشار تحدي "كتم الأنفاس" أو "تحدي التعتيم"، بعد تداول "مقاطع" على منصات التواصل الاجتماعي يظهر فيها بعض الطلاب أثناء "تنفيذ التحدي".
اقرأ أيضاً
وخلال مداخلة بقناة "دي إم سي" المصرية، قال إن "الوزارة أصدرت تعليمات واضحة ومباشرة للمدارس للتأكيد على المتابعة والمراقبة لمنع هذه الممارسات بين الطلاب بهدف الحفاظ على حياتهم".
وتحدث عن أهمية "التوعية مكثفة للطلاب بخطورة التطبيقات الإلكترونية والألعاب الخطرة على الإنترنت، حتي لا ينجذبون إليها ولا يتفاعلون معها".
اقرأ أيضاً
وتحدث مساعد وزير الداخلية المصري السابق وخبير أمن المعلومات، اللواء محمود الرشيدي، عن إيجابيات وسلبيات لمواقع التواصل الاجتماعي وزيادة مضطردة للاستخدمات التكنولوجية في ظل التحول العالمي نحو "الرقمنة".
وأشار إلى تكرار ظهور تحديات قاتلة تستهدف الأطفال مثل "التعتيم أو كتم الأنفاس" عبر منصات التواصل الاجتماعي، واصفا ذلك بأنه جزء من "مساوئ التكنولوجيا".
اقرأ أيضاً
من جهتها، ترصد خبيرة الطب السلوكي، الدكتورة لميس مكاوي، انتشار "تحديات وألعاب ضارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتسبب في اكتئاب المراهقين والأطفال وقد تقود للموت أحيانا".
وتحدثت عن بعض الألعاب والتحديات مثل "الحوت الأزرق" وتحدي "التعتيم أو كتم الأنفاس" والتي تسبب في وفيات بين الأطفال على مستوى العالم خلال السنوات الماضية، واصفة ذلك بـ"الوجه القبيح للتكنولوجيا".
اقرأ أيضاً
ويشير استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، الدكتور علاء رجب، إلى "غياب الأخلاقيات" في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، مما يتسبب في انتشار تلك التحديات والألعاب الضارة بين الأطفال والمراهقين.
ووصف تلك التحديات بأنها "جزء من الجرائم السوداء التي انتشرت بسبب الاستخدام غير المنضبط لمواقع التواصل الاجتماعي".
ترجع مكاوي انتشار ذلك بين الأطفال والمراهقين لكونهم "أكثر فئة عمرية مندفعة تقدم على التجربة والتقليد"، في ظل عدم وجود رقابة من الأسر على أطفالهم في تلك "المراحل العمرية الخطرة".
ويتحدث رجب، عن رغبة الأطفال والمراهقين في خوض التحديات لـ"إظهار البطولة والتفوق، في ظل غياب رقابة الأسرة أو المؤسسة التعليمية".
ويرى الرشيدي أن انتشار تلك التحديات والألعاب جاء في إطار "حروب الجيل الخامس" التي تستهدف الشباب والمراهقين لهدم المجتمع وإسقاط الدول، على حد تعبيره.
ويربط الرشيدي في حديثه بين التحديات والألعاب الضارة وبين زيادة جرائم القتل والذبح "المستحدثة" بين الشباب خلال الفترة الماضية، على غرار ما حدث مع فتاة المنصورة، نيرة أشرف وغيرها.
وخلال الفترة الماضية، صدم الرأي العام المصري بواقعة ذبح الطالبة الجامعية، نيرة أشرف، أمام بوابة جامعتها في مدينة المنصورة، على يد زميلها.
وبعدها شهدت مصر حادثة أخرى مؤلمة أسفرت عن مقتل فتاة جامعية أخرى تدعى سلمى في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، لنفس الأسباب تقريبا.
يشير رجب بأصابع الاتهام إلى "بعض المبرمجين والمسوقين الذين يطورون وينشرون الألعاب والتحديات الضارة وتكون افتراضية في البداية قبل أن يتم ترجمتها بعد ذلك داخل جدران المدارس ثم أروقة المنازل".
وترى الدكتورة مكاوي أن هناك "مؤامرة حقيقية" تقف وراء انتشار مثل تلك الظواهر بين الأطفال والمراهقين حتى"يعتادون عليها ويتم التعامل معها كواقع لا يتم استنكاره".
ويؤكد الرشيدي أن غالبية تلك التحديات ظهرت عبر تطبيق "تيك توك"، قائلا "التطبيق لا يضع ضوابط للمحتوى المقدم للأطفال والمراهقين".
ترجع ملكية "تيك توك" للمجموعة الصينية "بايت دانس"، وأصبح "تطبيقا عالميا"، على الهواتف المحمولة سنة 2017، وفقا لـ"فرانس برس".
وظهرت على "تيك توك" عدة تحديات مثيرة للجدل، ومنها تحدي "التعتيم" مؤخرا، و"صفعة المعلم" الذي انتشر أواخر 2021، و"بينادريل" الذي يحض على "تناول جرعات كبيرة من مضادات الهيستامين للحث على الهلوسة" خلال عام 2020، وفقا لتقرير لموقع "بيزنس إنسايدر".
ومؤخرا انتشر عبر "تيك توك"، تحد قاتل آخر، عبارة عن "وصفة طعام جديدة تتضمن قلي الدجاج باستخدام شراب السعال بدلا من الزيت"، وهو ما حذرت منه "إدارة الغذاء والدواء الأميركية".
وفي أغسطس، أعلنت هيئة حماية البيانات البريطانية (ICO) نظرها فرض غرامة قدرها 27 مليون جنيه إسترليني (29,06 مليون دولار) على "تيك توك" بسبب عدم توفيرها حماية كافية للبيانات الشخصية الخاصة بمستخدميها الأطفال، وفقا لـ"فرانس برس".
وأجرت الهيئة تحقيقا "أظهر أن تيك توك قد يكون انتهك قانون حماية البيانات البريطاني" بين مايو 2018 ويوليو 2020.
وكشف التقرير أن "بيانات الأطفال الذين هم دون الثالثة عشرة قد تكون استخدامت من دون الحصول على موافقة ذويهم أو إبلاغ المستخدمين بذلك من خلال لغة موجزة وشفافة وسهلة الفهم"، حسب "فرانس برس".
يرى رجب في "الرقابة الأسرية" الحل الوحيد لمواجهة انتشار تلك التحديات والألعاب الضارة والتي تؤثر بشكل سلبي على المجتمع.
وتتحدث مكاوي عن "التوعية الأسرية والتواصل مع الأطفال في سن صغير ومناقشتهم والحوار معهم، ووضع حل لاستخدام الأطفال المنفلت لمواقع التواصل الاجتماعي".
وتحذر مكاوي الأسر من "منع استخدام طفالها استخدام مواقع التواصل الاجتماعي واستخدام "الرعونة والتعنيف" مع المراهقين والأطفال، لأن ذلك سيقود لنتائج "عكسية تماما"، على حد تعبيرها.
ويتطرق الرشيدي إلى عدة سبل للمواجهة ومنها "محو الأمية الرقمية، وإستعادة الأسرة إلتزامتها التربوية والتوعية تجاه الأطفال، وسن تشريعات لمكافحة انتشار المحتوى الضار".
ولا يمكن "حجب أو منع" تلك التطبيقات، ولذلك يجب وضع "تشريعات دولية" والتنسيق بين الجهات الأمنية المختصة على مستوى العالم لمكافحة "الجرائم الإلكترونية التي تستهدف الأطفال والمراهقين"، وفقا لحديث الرشيدي.
ويطالب الرشيدي الأسر بـ"إبلاغ الجهات المختصة في حال رصد تلك الأنشطة الضارة"، لتتبعها ومكافحتها واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.