قم بمشاركة المقال
طور علماء بريطانيون اختباراً سهلاً للعينين يستطيع أن يتنبأ بوفاة المرء نتيجة أمراض في القلب والأوعية الدموية.
ونشرت الدراسة في "المجلة البريطانية لطب العيون" British Journal of Ophthalmology.
من شأن هذه التقنية أن تقود إلى توفر برنامج فحوص يسمح بوصف أدوية وإحداث تغيرات في نمط الحياة قبل عقود من ظهور أعراض المرض.
اقرأ أيضاً
يدمج الاختبار المبتكر بين شكل من الذكاء الاصطناعي (AI) ومسح لشبكية العين، علماً أن الأخيرة غشاء يغطي الجزء الداخلي من الجدار الخلفي للعين ويحوي خلايا حساسة للضوء.
الباحثة الرئيسة، البروفيسور أليجا ريجينا رودنيسكا، من "جامعة سانت جورج" في لندن، قالت إن الاختبار غير مكلف، وفي المتناول، ولا يستدعي إي إجراء جراحي.
اقرأ أيضاً
وأوضحت البروفيسورة رودنيسكا أن الفحص ينطوي على "إمكانية مساعدة نسبة أعلى من الناس نظراً إلى أنه متاح بسهولة".
بالتالي بإمكان المرضى المعرضين لخطر الإصابة بسكتة دماغية ونوبات قلبية وغيرها من أمراض الدورة الدموية الخضوع لفحص قياس الأوعية الدموية في شبكية العين (RV) المدعوم بذكاء اصطناعي خلال الزيارات الروتينية لاختصاصي العيون.
اقرأ أيضاً
وبحسب رودنيسكا، "يوفر قياس الأوعية الدموية في شبكية العين مؤشراً بيولوجياً تنبؤياً بديلاً للكشف عن درجات المخاطر التقليدية المتصلة بصحة الأوعية الدموية دونما الحاجة إلى قياس ضغط الدم أو أخذ عينات منه"، مضيفة أنه "من المرجح جداً أن تساعد هذه التقنية في التمتع لوقت أطول بحياة خالية من الأمراض، وبخاصة مع ارتفاع نسبة المعمرين مع ما يطرحه ذلك من زيادة في الحالات الصحية المصاحبة، وكذلك مساهمتها في خفض تكاليف الرعاية الصحية المرتبطة بأمراض الأوعية الدموية مدى الحياة".
اقرأ أيضاً
وعن آلية عمل هذه التقنية، صمم العلماء خوارزمية تسمى "كوارتز" Quartz بالاعتماد على صور للشبكية مأخوذة من عشرات الآلاف من البريطانيين الذين تراوحت أعمارهم بين 40 و69 سنة، إذ تقوم تلك الخوارزمية بالتركيز على مدى اتساع ومساحة وانحناء أو تعرج أوعية دموية دقيقة تسمى الشرايين والأوردة.
واشتملت المرحلة اللاحقة على عقد مقارنة بين أداء "الكوارتز" ونطاق "درجات فرامنغهام للخطورة" [خوارزمية مصنفة بحسب الجنس ذكراً كان أم أنثى لتقييم عوامل الخطر المحتمل في الأعوام العشرة المقبلة من عمر الشخص لإصابته بأمراض القلب والأوعية الدموية] المستخدم على نطاق واسع، سواء بشكل منفصل أو مشترك.
وبعد ذلك، تتبع العلماء صحة جميع المشاركين لما يتراوح بين سبع وتسع سنوات في المتوسط، وشهدت هذه الفترة 327 حالة وفاة بأمراض الدورة الدموية بين 64 ألفاً و144 من قاعدة البيانات في "البنك الحيوي في المملكة المتحدة" UK Biobank و201 حالة وفاة من أصل خمسة آلاف و862 مشاركاً في دراسة "إبيك (التحقيق الأوروبي المستقبلي في السرطان) نورفولك" EPIC-Norfolk.
في صفوف الرجال، ظهر الاتساع الشرياني والوريدي، والتعرج، والتباين في العرض باعتبارها مؤشرات مهمة للوفاة من أمراض الدورة الدموية.
أما في صفوف النساء، فأسهمت المنطقة الشريانية والوريدية والاتساع والتعرج الوريدي وتباين العرض في التنبؤ بالمخاطر.
كذلك كان ثمة تداخل بين التأثير المتوقع للأوعية الدموية لشبكية العين في الوفاة نتيجة أمراض في الدورة الدموية من جهة، والتدخين وأدوية علاج ارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية السابقة من جهة أخرى.
بشكل عام، رصدت هذه النماذج التنبؤية، التي تستند إلى العمر والتدخين والتاريخ الطبي والأوعية الدموية في شبكية العين، ما بين نصف وثلثي الوفيات الناجمة عن أمراض الدورة الدموية في أوساط الأشخاص الأكثر عرضة للخطر.
أما نماذج الأوعية الدموية في شبكية العين فرصدت نحو خمسة في المئة أكثر من حالات السكتة الدماغية في صفوف الرجال وثمانية في المئة أكثر من النساء في قاعدة بيانات "البنك الحيوي في المملكة المتحدة"، وثلاثة في المئة أكثر ضمن الرجال الأكثر عرضة للخطر في مقابل اثنين في المئة حالات أقل بين النساء في "إيبيك نورفولك".
ورصدت "درجات فرامنغهام للخطورة" حالات إضافية من النوبات القلبية بين الأشخاص الأكثر عرضة للخطر.
كما أشار الباحثون إلى أن تصوير شبكية العين هو بالفعل ممارسة طبية شائعة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وذكرت البروفيسورة رودنيسكا أن "الأوعية الدموية في شبكية العين مؤشر وعائي دموي دقيق، بالتالي تقدم توقعاً أفضل بالوفيات الناجمة عن الدورة الدموية والسكتة الدماغية مقارنة مع النوبات القلبية التي تعزى أكثر إلى الأوعية الدموية الكبيرة، ما عدا في صفوف النساء ربما".
كما أكدت أنه "بين عامة الناس، يسعنا استخدام هذه التقنية كفحص لا يتطلب الخضوع لفحوص سريرية خاصة بصحة الأوعية الدموية الجهازية، بغية تحديد الأشخاص الذين يتهدد حياتهم خطر متوسط إلى مرتفع لأسباب تتعلق بالدورة الدموية، ومن ثم التوصل إلى تقييم أكبر للمخاطر السريرية واللجوء إلى التدخل الطبي المناسب".
في المملكة المتحدة، مثلاً، يمكن إدراج هذه التقنية ضمن فحوص الرعاية الصحية الأولية المعتمدة لدى "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" NHS للفئة العمرية بين 41 و74 سنة، كما يشير العلماء.
الدكتوران إيفي موردي وإيمانويل تروكو من "جامعة دندي" الاسكتلندية اللذان لم يشاركا في الدراسة، قالا في تعقيبهما على النتائج إن الاستعانة بالتغيرات التي تطرأ على الأوعية الدموية في شبكية العين للإبلاغ عن مخاطر القلب والأوعية الدموية عموماً إجراء "مثير للإعجاب ويسير من دون شك".
وأشارا إلى أن "استخدام فحص شبكية العين بهذه الطريقة من المفترض أنه سيتطلب زيادة كبيرة في عدد أطباء العيون أو المقيمين المدربين.
"المطلوب الآن أن يتعاون أطباء العيون وأطباء القلب ونظراؤهم في الرعاية الأولية وعلماء الكمبيوتر من أجل تصميم دراسات تعمل على معرفة ما إذا كان استخدام هذه المعلومات يسهم في الحصول على نتائج سريرية أفضل، وإذا صح ذلك، العمل مع الهيئات التنظيمية والجمعيات العلمية وأنظمة الرعاية الصحية من أجل تحسين سير العمل السريري وتمكين التنفيذ العملي في الممارسة الروتينية".