قم بمشاركة المقال
يقترن سقوط المطر منذ أقدم العصور بالخير والبركة، وهو من الظواهر المناخية المباركة التي تحتفي بها شعوب الأرض قاطبة لا سيما البدو الذين يسكنون الصحراء.
فالمطر يعني الحياة والزراعة والنبات، ولولا الأمطار لما جرت الأنهار، ولما قامت حضارة ولا نشأ عمران.
اقرأ أيضاً
في كوكب الأرض تتساقط مع المطر قطرات الماء أو حبيبات الجليد أو كتل البَرَد، ففي النهاية كل هذه صور مختلفة لعنصر واحد هو الماء.
غير أن المطر بوصفه ظاهرة مناخية لا يقتصر بالتأكيد على الأرض، فهو ظاهرة كونية مألوفة في العديد من الكواكب الأخرى سواء في المجموعة الشمسية أو في المجموعات الأخرى، والمدهش أنها تتشابه نسبيا مع تكوين السحب وسقوط الأمطار في الأرض، غير أن هناك فارقا جوهريا في طبيعة المطر ذاته.
اقرأ أيضاً
أمطار من الألماس
4 من كواكب المجموعة الشمسية هي زحل والمشتري وأورانوس ونبتون تشهد أمطارا غزيرة من الألماس، غير أن الظروف المناخية والخصائص الجيولوجية في زحل مهيأة أكثر من الكواكب الأخرى لإنتاج الألماس، فعواصف البرق الكثيفة في زحل (بمعدل 10 ضربات للبرق في الثانية) ودرجات الحرارة الفائقة تجعل جزيئات الميثان في الغلاف الجوي تتكسر، وهو ما يؤدي إلى هروب ذرات الكربون وسقوطها على أرض الكوكب، حيث تتحول إلى غرافيت وفي النهاية تنضغط تحت تأثير الغلاف الجوي الكثيف متعدد الطبقات، وتتحول إلى قطع ضئيلة من الألماس لا يزيد قطر أغلبها على ملليمتر واحد.
اقرأ أيضاً
وعندما نغوص في قشرة زحل لمسافة 36 ألف كيلومتر، سنجد طبقة كاملة من الألماس الذائب بسبب الحرارة الهائلة داخل الكوكب.
وجدير بالذكر أن مقدار أمطار الألماس الذي يتساقط على سطح زحل يبلغ ألف طن سنويا.
وفي العملاقين الغازيين أورانوس ونبتون توقع العلماء لفترة طويلة أن أمطار الألماس تعمل بالآلية نفسها، فالضغط الفائق في هذين الكوكبين يقسم الجزيئات إلى ذرات من الهيدروجين والكربون.
اقرأ أيضاً
حيث تتكثف ذرات الكربون في صورة ألماس وتسقط مثل المطر في المحيطات الغازية حتى تصطدم بالنواة الصلبة.
وبإجراء اختبارات معملية معقدة لمحاكاة الضغط الهائل على الكوكبين الذين تزيد كتلتهما على كتلة الأرض من 15 إلى 17 ضعفا، نجح العلماء في إثبات هذه النظرية، وأسفرت التجارب التي لم تدم سوى جزء من الثانية عن تكوين جزيئات من الألماس طولها لا يزيد على نانومتر، لكن العلماء يتوقعون أن أمطار الألماس التي تسقط في أورانوس ونبتون أكبر كثيرا في الحجم.
إذا تركنا كوكب زحل وتوجهنا نحو الزهرة، ثاني كواكب المجموعة الشمسية قربا من الأرض، سنجد الأمطار هناك عبارة عن حمض الكبريتيك الساخن، ومن المعروف أن الغلاف الجوي للزهرة مليء بسحب حمض الكبريتيك، ولأن درجة الحرارة على سطح الكوكب لا تقل عن 480 درجة مئوية فإن الأمطار لا تصل فعليا إلى السطح؛ فما أن تصبح على مسافة 25 كيلومترا حتى تتبخر مرة أخرى وتتحول إلى غازات.
تيتان.. عواصف جليدية من الميثان
يتميز تيتان -وهو أكبر أقمار زحل، والقمر الوحيد في المجموعة الشمسية الذي له غلاف جوي كثيف- بعواصف جليدية من الميثان الذي هو بديل الماء على الكوكب. وكما في الأرض، فإن دورة الميثان أيضا دورة متكاملة في تيتان، بل وهناك مواسم لسقوط الأمطار التي تشكل بحيرات هائلة من الميثان الذي يتبخر لاحقا، ويتحول البخار إلى سحب ثم تبدأ دورة جديدة.
والميثان يكون في صورة سائلة في تيتان لأن درجة الحرارة على السطح شديدة البرودة؛ إذ تبلغ سالب 179 درجة مئوية.
أمطار البلازما على الشمس
تتبع الأمطار البلازمية على الشمس نفس آلية الأمطار على الأرض. فبسبب الحرارة الهائلة، تنسلخ الإلكترونيات من مداراتها حول نواة الذرة فتصنع غازا مشحونا نشطا يتأثر بمسارات المجالات المغناطيسية المحيطة بالشمس؛ حيث تسقط الأمطار البلازمية في الحلقات الإكليلية وتسير البلازما فيها من الأسفل إلى الأعلى وعندما تصعد للأعلى تتمدد البلازما وتبرد قليلا فتسقط على هيئة أمطار بفعل جاذبية الشمس.
وقد رصدت وكالة ناسا الفضائية لاحقا أمطارا مشابهة في مناطق أعلى من الهالة الشمسية، وهي عبارة عن حلقات كثيفة وصغيرة جدا في الحجم على ارتفاع 45 كيلومترا فوق سطح الشمس.
وتلك الأمطار في الحلقات الصغيرة قد يكون لها دور في فهم أحد أهم أسرار الشمس إلى الآن وهو ارتفاع درجة الحرارة في الهالة الشمسية، حيث لا يعرف العلماء السبب في أنها ذات درجة حرارة أكبر بـ 300 مرة من سطح الشمس نفسه.