قم بمشاركة المقال
تستعد جزيرة فيلكا المهجورة في دولة الكويت لاستعادة تألقها الذي طالما عُرفت به عبر التاريخ، حيث كانت شاهدة على مرور كثير من الحضارات الإنسانية القديمة التي تركت آثارها في مناطق عديدة من الجزيرة.
وتشير تقارير إعلامية كويتية إلى وجود تحرك حكومي لإعادة تأهيل الجزيرة وتطويرها لتصبح من أبرز الوجهات السياحية في البلاد، بعد أن هجرها سكانها قبل أكثر من ثلاثة عقود إثر الغزو العراقي للدولة الخليجية عام 1990.
اقرأ أيضاً
وتسعى الكويت منذ سنوات طويلة إلى إعادة تأهيل هذه الجزيرة، التي تبعد نحو 20 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من العاصمة وتتجاوز مساحتها 43 كيلومتراً مربعاً، لكن تلك المساعي تأخرت بسبب تعطل إقرار القوانين الخاصة بها.
وفي تطور جديد بهذا الشأن نقلت صحيفة "القبس" الكويتية عن مصادر رفيعة، أن مجلس الوزراء كلّف لجنة المشروعات الكبرى التي يرأسها نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والدفاع الشيخ طلال الخالد، بإحياء المشاريع الاقتصادية الكبرى بالبلاد، والشروع في إزالة المعوقات التي تواجهها بأسرع وقت، للعمل على تنفيذها.
اقرأ أيضاً
وأكدت الصحيفة في تقرير نشرته يوم 7 أغسطس 2022، أن مجلس الوزراء بصدد اتخاذ قرارات تخص مشروعات اقتصادية، ورصد كل المعوقات التي تعترض مسار إنجازها، خاصةً تلك التي تعود بمردود مالي للدولة، وتسهم في خلق فرص عمل للمواطنين.
وأوضحت أن نواة عمل لجنة المشروعات الكبرى التابعة لمجلس الوزراء جاءت بتشكيل لجنة منبثقة منها، مكونة من وزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، وزير العدل وزير الدولة لشؤون تعزيز النزاهة، وزيرة الدولة لشؤون البلدية؛ لإزالة كل المعوقات المادية والإدارية والقانونية التي تعترض مسار تنفيذ تطوير جزيرة فيلكا، والعمل على تطويرها كقبلة سياحية كويتية تتمتع بأحدث الخدمات لمرتاديها من المواطنين والمقيمين والسياح من الخارج.
اقرأ أيضاً
وستشمل عمليات التطوير بدايةً تحديث المرفأ لاستقبال الزوار، وتطوير عدد من المنتجعات والمتنزهات البحرية فيها؛ لكي تكون متنفساً سياحياً لمرتاديها ووجهة جاذبة في الكويت.
كما ستتم متابعة تنفيذ كل المتطلبات اللازمة والكفيلة بتسريع تنفيذ ومتابعة مشروع تطوير جزيرة فيلكا، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة، خصوصاً في ما يتعلق بنزع ملكية العقارات التي تعترض المشروع، والعمل على إزالة كل أنواع الاستغلال والتعديات بإقامة مشاريع تجارية واستثمارية في جزيرة فيلكا، والتي تمت من دون أي عقود أو تراخيص رسمية من الدولة.
وتلفت الصحيفة إلى أن هذه العقارات أصبحت تصنف على أنها "تعديات على أملاك الدولة العقارية الخاصة وتجب إزالتها".
وكانت الحكومة الكويتية قد أصدرت قراراً في مايو 2021، دعت فيه كل الجهات الحكومية إلى عدم إجراء أي تعاقد أو تخصيص أو تمديد لإجراء تعاقدي أو قانوني في جزيرة فيلكا، اعتباراً من تاريخ صدور القرار، ما لم يكن ذلك تنفيذاً لحكم قضائي أو تثبيتاً لحق إرث.
وتحظى جزيرة فيلكا بأهمية تاريخية فريدة، حيث وصفها البعض بأنها كبسولة زمنية إلى الماضي، وتُعد فيلكا من المراكز الحضارية والتراثية المهمة في العالم، وتضم أكثر من 45 موقعاً أثرياً وتمثل حقباً تاريخية متنوعة.
وحول ذلك يقول مدير إدارة الآثار والمتاحف لدى المجلس الكويتي للثقافة والفنون والآداب سلطان الدويش: إن "الحضارة الهلنستية هي إحدى الحضارات التي استقرت في أرض الكويت قبل الميلاد بجزيرة فيلكا وعكاز وجزيرة أم النمل، وأصبحت فيلكا أحد مراكزها الرئيسة في المنطقة ولعبت دوراً تجارياً وحضارياً كبيراً".
ويضيف الدويش خلال حديثه لصحيفة "الراي" الكويتية في أكتوبر الماضي: "لعل مظاهر الحضارة وأطلالها في جزيرة فيلكا تشهد على قوة هذه الفترة، والتي تجلت في مبنى القلعة الهلنستية والإبداع في تصميم المبنى، وكذلك مظاهر الحضارة الأخرى من صناعات للفخار والتماثيل والعملات التي استخدمت للمرة الأولى، ودلت على العلاقات التجارية التي قام بها سكان فيلكا خلال تلك الفترة".
وبيّن أن الكويت كانت آخر الطرق البحرية، ثم تنطلق منها القوافل التجارية إلى المراكز المجاورة.
واكتسبت فيلكا أهمية تجارية خاصة؛ لكونها محطة مهمة على الطريق البحري بين حضارات بلاد ما بين النهرين والحضارات المنتشرة على ساحل الخليج العربي، كما أنها كانت مركزاً لصناعتي الفخار والخرز، فضلاً عن اشتهارها بإنتاج التمور وتصديرها.
بدوره أفاد الكاتب الكويتي فراس السالم بأن "جزيرة فيلكا لها قيمة حضارية كبيرة لدولة الكويت؛ فهي موطن لعديد من الآثار التي عمرها آلاف من السنين، وهي جزيرة كانت كثيفة بالسكان، وتم الاستثمار في بنيتها التحتية قبل الغزو العراقي للكويت، ووجدت عدة خطط بالسابق لتطويرها وإعادة هيكلة المشاريع فيها".
ويلفت إلى أن التوجه الحالي أكثر جدية، كون الحكومة الكويتية "قررت عدم تجديد العقود القديمة للمشاريع البسيطة الموجودة ووضعت ضوابط للاستثمار فيها".
ويبين في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن الجزيرة تحتاج لاستثمارات عديدة بمحطات الكهرباء، وتوسعة المرفأ لاستيعاب عدد أكبر من الزوار وإعادة تهيئة البنى التحتية لاستيعاب المشاريع السياحية الجديدة التي ستطرح للقطاع الخاص الكويتي.
ويتوقع السالم أن الجزيرة تستوعب مشاريع سياحية بقيمة 3 مليارات دولار، ما بين منتجعات ومراكز تسوق ومتاحف للآثار التاريخية، وكان هناك تصور سابق لإنشاء ميناء لليخوت كما هو موجود حالياً في الكويت.
ويشير إلى أن "المشاريع السياحية في جزيرة فيلكا ستعزز السياحة الداخلية؛ فشواطئها عذراء وقابلة للتطوير بطريقة مستدامة وهي قريبة من مدينة الكويت والسالمية، حيث كانت بالسابق الرحلات البحرية إليها من ميناء راس الأرض الذي هو ذاته تحت التطوير من قبل شركة المشروعات السياحية الحكومية، مما يعزز الثقة بخطوات الحكومة التطويرية".
ويوضح السالم أنّ تأخر تأهيل الجزيرة في السابق كان بسبب عدم وجود إطار تنظيمي لها، إضافة إلى تعقيدات التبعية الإدارية لها وتداخل السلطات، وهو ما تم تقليله حالياً، وقامت الحكومة بضخ رأس مال جديد بشركة المشروعات السياحية الحكومية لتنفيذ عدد من المشاريع حول البلاد.
وينهي الكاتب الكويتي حديثه بتأكيد أن جزيرة فيلكا توفر مناخاً سياحياً مغايراً لما هو موجود في الكويت حالياً، ومن المتوقع أن يجذب عدداً من السياح الخليجيين ومن الدول المجاورة في حال تم إنشاء منظومة سياحية متكاملة تخدم الجزيرة.