قم بمشاركة المقال
تواصل رهف القنون خسارة، ليس التعاطف السعودي فقط، وإّنما التعاطف العربي عامة، بنشرها الصور والمقاطع ذات الدلالات والإيحاءات المثيرة الواضحة. من هي رهف القنون؟ ولدت عام 2000 ،لأسرة سعودية مقيمة في الكويت، والدها له مركز اجتماعي مرموق، كمحافظ لمدينة السليمي في منطقة حائل، برزت قصتها سنة 2019 ،حين أرسلت نداء استغاثة من مطار بانكوك، عبر تويتر، قائلة أنها مهددة بالقتل من قبل عائلتها، وأنها ارتدت عن الدين الإسلامي، وسيتم إعدامها إن عادت للسعودية.
وسرعان ما لاقت استغاثتها استجابة، حيث تدخلت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وطلبت من أستراليا منح اللجوء لرهف. وفي الشهر الأخير من سنة 2019 ،خرج رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، مصّرحًا بمنح اللجوء لرهف. لاقت تعاطفًا… لم تكن رهف قد تجاوزت ال20 عام وبدت كفتاة صغيرة خائفة، وهي تروي مآسيها مع عائلتها قالت أنها كانت تتعرض لعنف أسري شديد، إذ ضربت لأنها قصت شعرها وأخوها الأكبر عنفها بسبب ملابسها أو حتى الطعام الذي تآكله، وقالت أن أمها كانت تساعده في ذلك. هذه الأقاويل، جعلت فئة كبيرة تتعاطف مع رهف، وترى فيها ضحية عنف أسري.
اقرأ أيضاً
ما الذي تغير؟ سرعان ما اندمجت رهف مع نمط الحياة الغربي، بمجرد وصولها كندا، فكانت الملابس الخادشة، والوشوم، ونشر صورها دون احترام أو تقدير، لخصوصية عائلتها، وما قد يجلبه عليهم مثل هذه الأفعال من إهانة بين المجتمع، كل ذلك جعل رهف تخسر تعاطف العرب شيئًا حين أعلنت رهف انضمامها، لمنصة إلكترونية، ستمثل فيها رهف بمقاطع خادشة.
هذا التطور، جعل الأغلبية تعيد النظر في رواية رهف عن العنف الذي تعرضت له بين أسرتها، وبات يسري الشك بأنها كانت منذ البداية قابلة للانحرف. وكانت الصورة من الجرأة، بحيث ظهرت رهف بجسد عاٍر من الأعلى، دهنت الكريما فيه على جسدها، فيما ارتدت شورتاً ضيقاً أشبه باللباس الداخلي.
اقرأ أيضاً
وبامتهان رهف لهذا النوع من الأنشطة المثيرة والجديدة، والمغايرة تماماً للدين الإسلامي والثقافة العربية، تكون رهف قد خسرت كل تعاطف لاقته حين ظهرت للعالم أول مرة، تمامًا وتكلمت عّما لاقته مع أسرتها من عنف وظلم.
من جانب آخر كشفت السعودية الهاربة رهف القنون الكثير من أسرار حياتها والأسباب التي جعلتها تتمرد على أسرتها في السعودية وتهرب إلى كندا حيث تعيش الآن.
اقرأ أيضاً
جاء ذلك في كتاب “المتمردة، الهروب من السعودية إلى الحرية”، الذي اصدرته رهف القنون، وتحدثت فيه أنها تعرضت للاغتصاب في السعودية، عندما كانت عائدة إلى المنزل في إحدى الليالي وهجم عليها مجموعة أشخاص وقاموا بإغتصابها، وخشيت أن تبلغ أهلها بذلك.
استعرضت رهف القنون، في الكتاب، مرحلة الطفولة والشباب في السعودية، قبل أن تنجح في السفر إلى كندا حيث باتت “تنعم بالحرية والأمان”، على حد تعبيرها.
وبحسب عرض موجز قدمته صحيفة “الغارديان” البريطانية، يروي الكتاب الاندفاع اليائس لشابة من أجل الحرية، هربا من الألم والقمع.
وتقول رهف، في كتابها، إن الأعوام الأولى من طفولتها في مدينة حائل شمالي السعودية، كانت تتسم بالسعادة وسط أشقائها.
ولكن بعد أن بلغت السابعة من عمرها، بدأ عالمها بالانكماش ببطء، وباستمرار، حيث وجدت أنها لا تستطيع تعلم السباحة، ولا الضحك بصوت عالٍ، ولا حتى مغادرة المنزل بدون مرافقة إخوتها.
وعوضا عن اللعب والاستمتاع بطفولتها، كانت تُجبر على رعاية وخدمة أقاربها الذكور، وتدريبها على الخضوع والإذعان.
وذكرت رهف أنه لم يكن مسموح لها بالجلوس على الشرفة لاستنشاق بعض الهواء العليل، كما كان محظورا عليها الذهاب إلى المركز التجاري بدون ولي أمر ذكر، أو حتى التحدث في عيادة الطبيب العام في حال مرضها.
ارتداء عباءة سوداء ونقاب
تقول رهف القنون في الكتاب، أنه وعقب بلوغها سن الـ9 سنوات، أجبرت على ارتداء عباءة سوداء ونقاب، مما جعلها مجهولة الهوية بشكل بتام ولا يستطيع أحد التعرف عليها.
وعندما قصت شعرها وضُبطت وهي تقبل الفتيات، تحققت كل مخاوف والدتها، لتقول رهف إنها تعرضت للصفع والضرب وجرى إخراجها من المدرسة وإخفائها بعيدًا حيث كانت تُعامل على أنها لعنة على العائلة.
وفي غضون ذلك، ارتبط والدها بزوجة ثانية ثم اتبعها بثالثة، مما سبب آلاما عاطفية لوالدتها البائسة والتي لم تجد مناصا من تفريغ غضبها وإحباطها سوى ابنتها المتمردة.
المعتقدات الوهابية
تصف، رهف في كتابها، كيف تلقنت “المعتقدات الوهابية” التي لم توفر مجالًا للتفكير النقدي والتي تعتبر “التحرر بمثابة تخريب فكري يعاقب عليه بالرجم أو الموت”.
وقالت إنها كانت تشعر بالأسى والحزن عندما تسافر مع عائلتها إلى مدن وبلدان مثل تركيا، حيث الفتيات وقد أسدلن شعرهن وارتدين الفساتين وهن يتمايلن على أنغام الموسيقى بسرور وسعادة، وعندها تجرأت وقررت أن تحلم بالحرية.
تعرضها للإغتصاب
من المآسي التي ترويها رهف القنون في كتابها أنها، في إحدى الليالي، بينما كانت تستقل سيارة أجرة للعودة إلى المنزل تعرضت للاغتصاب. وخشيت أن تبلغ أهلها خوفا من العواقب.
وبحسب صحيفة “الغارديان”، فإن قصة رهف هي حكاية كثيرات ممن ليس لديهن صوت، ولا يزلن خاضعات لظروف صعبة، وهي تتحدث نيابة عنهن من وطنها الجديد، كندا.
وتشير الصحيفة إلى أن رهف تفتقد عائلتها، ولا يمكنها العودة إلى المملكة، فالتهديدات التي فرت منها لا تزال قائمة حتى الآن.
هروب رهف القنون
وفي أوائل عام 2019، تسللت رهف، التي كانت تبلغ من العمر 18 عامًا، من غرفة عائلتها بالفندق في الكويت، واشترت تذكرة طائرة إلى بانكوك، لتبدأ الرحلة الاستثنائية.
وبعد ذلك، خاض والدها وشقيقها مع سلطات المطار التايلاندية التي تعمل بالتعاون مع السفارة السعودية محاولات لإعادتها إلى السعودية.
بيد أن رهف تحصنت في غرفة فندق بالمطار، وتمالكت نفسها قبل أن تبدأ مناشدة العالم عبر مواقع التواصل، وهي تروي تفاصيل قضيتها وخشيتها على حياتها.
وكان سلاح رهف الوحيد هو هاتفها الذكي، إذ بدأت بنشر عشرات التغريدات عبر حسابها على تويتر قالت فيها إنها إذا أعيدت قسراً، فإنها ستختفي أو تلقى حتفها، مطالبة بتقديم مساعدة فورية لها للحصول على حق اللجوء.
وأثارت مناشدات تلك الفتاة البائسة تعاطف حكومات 5 دول بالإضافة إلى الأمم المتحدة، ما لفت انتباه وسائل الإعلام العالمية إلى امرأة ضعيفة، قبل أن تمنحها كندا اللجوء على أرضها عبر مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.