قم بمشاركة المقال
أمضت ليلى شاهين حوالي ثلاثة وعشرين عاما في مهنة التنبؤات الجوية، لتصبح أول متنبئة جوية في المملكة، بعد أن أمضت سنوات دراسية عديدة أتبعتها بسنوات من التدريب والعمل الفعلي، كمتطلبات يجب اجتيازها شرطا للتنبؤ الدقيق بأحوال الطقس.
وروت قصة دخولها عالم التنبؤات الجوية، وهو العلم الذي تعتمد عليه حركة الطيران بكل أنواعه، وحياة الناس في المجتمع بأدق التفاصيل التي يحتاجها في الأحوال الجوية اليومية، وذلك وفقا اتصريح لوكالة بترا.
اقرأ أيضاً
تؤكد شاهين أن لقب متنبئ جوي لا يحصل عليه الشخص إلا بعد سنوات عديدة يثبت من خلالها قدرته على التنبؤ بالأنواء الجوية؛ ففي مجال الأرصاد الجوية ورغم ندرة وجود فرص لدراسة علم الأرصاد الجوية محليا، وقلة إقبال السيدات على العمل ضمن هذا الميدان، إلا أن شاهين التي شغلت منصب مديرة التنبؤات الجوية في دائرة الأرصاد الجوية منذ ما يقارب عامين، كانت المتنبئة الجوية الوحيدة في الأردن لمدة 23 عاما.
وتقول شاهين إن التنبؤات الجوية مهنة في غاية الصعوبة، وقطاع حساس جدا لا يحمل أي خطأ، وحتى يمكن الاستفادة من أي متنبئ جوي يجب أن يمتلك 5 سنوات من الخبرة على الأقل، لصعوبة مهمة التنبؤات الجوية، والتي لا تشكل أكثر من 20 بالمئة من مهام العمل المطلوبة في العمل، لأن التنبؤات الجوية بالأصل وجدت حماية لشؤون الطيران وخدمته سواء أكان مدنيا أو عسكريا.
اقرأ أيضاً
وأشارت إلى ندرة وجود تخصص للأرصاد الجوية في الأردن بين التخصصات الجامعية، وعند الانتهاء من دراسة التخصص ينبغي أخذ دورة رصد جوي لمدة 6 أشهر ثم دورة تنبؤات جوية لمدة 9 أشهر، ثم الخبرة العملية لمدة 3 سنوات حتى يعتمد عليه كمتنبئ جوي.
وأشارت شاهين التي شغلت قبل منصبها الحالي رئاسة قسم تنبؤات شؤون الطيران في مطار الملكة علياء كأول امرأة تحمل هذا المسمى، إلى أن المرأة تبذل بشكل عام في كل مجالات العمل مجهودا مضاعفا حتى تتمكن من إثبات قدراتها.
اقرأ أيضاً
وبينت أن أبرز التحديات التي واجهتها أنها كانت الوحيدة في هذا الميدان، بالإضافة إلى أن الطقس لا يخضع لحدود الوقت، وتكون تنبؤات الطقس دائما في حالة تحديث وتطور مستمر، ويعتمد على استمرارية قراءة خرائط الطقس، حيث تجب متابعة المعطيات الجوية كتتبع درجات الحرارة والجبهات الهوائية وغيرها لتزويد قطاع الطيران بالمعلومات اللازمة عند وجود حالات جوية مؤثرة، ما يتطلب الاستعداد في أي وقت من اليوم.
وتفرق شاهين بين التنبؤات والرصد الجوي، فالرصد عبارة عن متابعة عناصر الطقس الحالية الموجودة فعليا، أما التنبؤات فهي قائمة على توقع ما سيحدث، وحتى يحدث التوقع لا بد من رصد الحالة الأولية للغلاف الجوي ككل، ويجري ذلك عن طريق رصد عناصر الطقس في الغلاف الجوي في كل العالم، وهو عبارة عن نظام واحد يعتمد على بعضه البعض؛ فأي تغيير في أي مكان سيؤثر على كامل الغلاف.
وأكدت أن منظمة الأرصاد العالمية يزودها الراصدون في جميع أنحاء العالم كل ساعة من خلال توجههم لحديقة الرصد، ورصد عناصر الطقس لمعرفة الحالة الأولية للغلاف الجوي، وعليها تبنى التنبؤات بعد إدخالها للحاسبات المتخصصة في مراكز تجميع المعلومات حول العالم ويطلق عليها (سوبر كومبيوتر) وتعاود بثها للعالم.
وبينت أن الأنظمة الجوية في الغلاف الجوي تتحرك سويا، وهو ما تقوم عليه نظرية تأثير الفراشة، وهذا الغلاف مترابط مع بعضه البعض، وأي تغيير في أي منطقة يؤثر على الأنظمة الجوية كافة.
ولفتت إلى أن هذه المدخلات التي تزود بها الحاسبات، هي عبارة عن كمية كبيرة من المعلومات لكنها لا تعد شيئا مقارنة مع المعلومات التي تلتقطها الأقمار الصناعية، والتي تتيح الرصد الجوي في الأماكن التي يصعب إقامة محطات رصد فيها؛ كالصحاري والمحيطات والغابات من سطح الأرض حتى الغلاف الجوي، بالإضافة إلى أجهزة الرصد على الطائرات والبواخر.
وأكدت أن التنبؤات الجوية في الأردن حققت حوالي 95 بالمئة من الدقة، مشيرة إلى أن التنبؤات الفصلية على سبيل المثال لا يمكن لها أن تكون ذات مستوى عال من الدقة نظرا لاحتمالية حدوث التغيرات في أي وقت على الأنظمة الجوية، فكلما امتد وقت التنبؤات المستقبلية انخفضت الدقة وترتفع خلال 3 أو 4 أيام فقط، وتتناقص بعدها.
وقالت المتنبئة الجوية ياسمين عبيد التي تعد إحدى 4 متنبئات جرى تعيينهن حديثا، أنها تلقت دورة في الرصد الجوي ثم بعدها خضعت لدورة أخرى في التنبؤ وهي تمر الآن بفترة تدريبية تخضع باستمرار لتقييم من قبل رئيس القسم ومديرة المديرية.
وأشارت إلى أن فترات العمل تمتد لتشمل ساعات اليوم كاملا، مبينة أن طبيعة هذا العمل تتطلب التفكير في معطيات الخرائط الجوية "الديناميكية"، وهو أمر بعيد تماما عن "الروتين".
من جهته قال مدير مركز التدريب في دائرة الأرصاد الجوية الدكتور عبد المنعم القرالة إن المركز الذي أسس منذ أكثر من نصف قرن، يقصده المتدربون من معظم الدول العربية للمشاركة في الدورات التدريبية التي عادة ما تمتد إلى 6 أشهر للدورة الواحدة، بينما تمتد دورة التنبؤ الجوي لمدة 9 أشهر بمعدل 1008 ساعات تدريبية.
وأشار إلى أن المركز المتخصص في الرصد والتنبؤات الجوية عقد 108 دورات حتى نهاية الشهر الماضي، وتخرج منه 828 متدربا من البلدان العربية كافة منذ بداية تأسيسه.
وأوضح أن تعليمات المركز لم تكن تسمح للأفراد بالتدرب فيه قبل تحديثها عام 2021، وأصبح التدريب ممكنا لأية جهة، مبينا أن مدير مركز التدريب بصفته الوظيفية هو عضو في منظمة الأرصاد العالمية كمنسق للتدريب، وأيضا هو عضو في جامعة الدول العربية في لجنة التدريب وبناء القدرات.