قم بمشاركة المقال
يتردد بين الفينة والأخرى الحديث عن إمكانية انضمام العراق إلى دول مجلس التعاون الخليجي، والتحديات التي تحول دون تحقيق ذلك الأمر، حيث يرغب البلد الغني بالنفط في الانضمام الكامل وعدم الاقتصار على الفعاليات الرياضية.
وبدأت مطالبات العراق بالانضمام إلى مجلس التعاون منذ عقود طويلة تزامنت مع إنشاء المجلس عام 1981، حيث كانت العلاقات بين بغداد ودول الخليج جيدة، لكنها تدهورت بعد غزو العراق للكويت. ورغم تنحية النظام السابق عام 2003 لم يُقبَل انضمامه لأسباب كثيرة.
اقرأ أيضاً
دعوات الانضمام
ورغم تجدد المطالبات بقبول عضوية العراق داخل مجلس التعاون فإن العديد من المنعطفات السياسية والأمنية التي شهدتها بغداد أثارت توجس الدول الخليجية.
وجاءت أولى الدعوات إلى الانضمام بعد الاحتلال عام 2004، عندما قال إبراهيم الجعفري، رئيس مجلس الحكم الانتقالي، آنذاك، إن وفداً من المجلس طلب خلال جولة قام بها لسبع دول عربية انضمام العراق إلى مجلس التعاون.
اقرأ أيضاً
وفي عام 2008 طلب وزير الدفاع الأمريكي وقتها، روبرت غيتس، من دول الخليج ضم العراق إلى مجلس التعاون ودعمه في مواجهة طموحات إيران واحتوائها.
وتجدد طرح فكرة الانضمام عام 2019 مع إعلان العراق تشكيل لجنة الحوار الاستراتيجي مع مجلس التعاون الخليجي ومخاطبة المجلس بتشكيل لجنة مشتركة مناظرة للجنة العراقية، تتبنى توحيد الرؤى بين الجانبين.
اقرأ أيضاً
ومع نجاح استضافة العراق لكأس الخليج العربي 25، التي أقيمت بمحافظة البصرة في يناير 2023، والانسجام الكبير بين العراقيين وأشقائهم الخليجيين، تجددت الآمال بقبول انضمام البلد لمجلس التعاون ولو على المدى البعيد.
فرص الانضمام والعوائق
يمتلك العراق امتدادات خليجية في مختلف النواحي الاجتماعية والجغرافية والدينية والاقتصادية، وانخرط في كثير من المؤسسات التي جمعت دول الخليج قبل تأسيس مجلس التعاون.
ويشير تقرير نشره مركز البيان للدراسات، في يونيو 2022، إلى أن أبرز فرص الانضمام إلى دول مجلس التعاون هو امتلاكه لاحتياطات نفطية هائلة، وبذلك يتحول المجلس بوجود العراق والسعودية وقطر إلى قوة اقتصادية كبيرة ومركز عالمي للطاقة.
كما سيخلق الانضمام، لو حصل، حركة تجارية هائلة في دول المجلس نظراً لما يمتلكه العراق من سوق جديدة واعدة، وفرص استثمارية وثروات طبيعية ويد عاملة.
ومما يشجع دول الخليج على قبول انضمام العراق هو الانفتاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي؛ وهو ما يضيف قوة أخرى إلى قوة المجلس، كما سيزيد الانضمام من قوة المجلس العسكرية لما يمتلكه من جيش كبير وروح قتالية، تضاف إلى تطور الجيوش الخليجية التي تمتلك أحدث المعدات، والتكنولوجيا العسكرية.
ومن المرجح أن يؤدي قبول انضمام العراق إلى احتواء الشعب العراقي بمكوناته كافة، وكبح التمدد الإيراني في هذا البلد والمنطقة، وفق التقرير.
ورغم المشتركات الكثيرة فإن مراقبين استبعدوا إمكانية فتح أبواب الخليج بصورة كاملة أمام العراق، إذا لم يكن هناك تغيير في نمط العمل في مؤسسات الدولة العراقية، والارتقاء بمستوى التعليم وفرص العمل.
ومن أبرز التحديات التي تواجه انضمام العراق هو طبيعة تركيبته المعقدة بمختلف الطوائف والأديان والقوميات، وتعداده السكاني الكبير، والاضطراب السياسي والحزبي، وهذا لا ينسجم مع طبيعة المجتمعات الخليجية الصغيرة المستقرة.
كما يعاني العراق تعدد مفاهيم الهوية والعلاقات الخارجية، وتباين المواقف بين المؤيدة بقوة للعلاقات مع دول الخليج وبين رافض لتلك العلاقة، وهذا أحد أبرز العوائق في العلاقة بين العراق ودول الخليج.
مكسب للخليج
ويرى الباحث السياسي الكويتي، محمد مساعد، أن العراق دولة ذات موارد كبيرة وتعداد سكاني كبير، "لذا فهي مكسب في حال انضمامها إلى مجلس التعاون الخليجي".
وبيَّن، في حديثه مع "الخليج أونلاين"، أنه يجب أن يسبق ذلك الكثير من الترتيبات والتنظيم للوصول إلى هذه المرحلة، ولكن المعضلة الأكبر هي أن العراق الآن يعاني في وضعه السياسي.
ويضيف مساعد أنه ولتلك الأسباب، لن يكون هناك فرصة لانضمام العراق إلى مجلس التعاون الخليجي؛ ما لم يكن مستقلاً كلياً وبوضوح عن أي تدخلات خارجية فيه.
وأشار الباحث السياسي إلى وجود عقبة أخرى لانضمام العراق إلى مجلس التعاون، وهو "الارتباك الكبير في الشأن السياسي والاقتصادي المحلي، والذي أنتج أزمات متكررة تحتاج إلى التأهيل، وتكون متوائمة في مسألة البنية التحتية والاقتصادية والسياسية مع الحالة الخليجية".
ويؤكد مساعد وجود محاولات خليجية متكررة وإيمان عميق لدى الجميع بضرورة عودة العراق إلى الساحة العربية والخليجية، وانفصاله عن التأثير الإيراني الحالي، وأن شكل العلاقة الخليجية العراقية قائمة على مدى سيطرة طهران على قرار بغداد.
أسباب عديدة
بدوره يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الموصل محمود عزو، إن العراق سعى بعد انتهاء الحرب مع إيران في الثمانينيات إلى تأسيس "مجلس التعاون العربي" ليضم معه مصر والأردن واليمن، لكن دول الخليج لم تقابل هذه الخطوة بالارتياح، لا سيما بعد اجتياح القوات العراقية للكويت عام 1990.
ويلفت، في حديثه مع "الخليج أونلاين"، إلى أن فكرة توسيع مجلس التعاون الخليجي ليشمل العراق واليمن كانت متاحة في أكثر من مناسبة، لكن قد لا تنطبق الشروط على البلدين، لأسباب عديدة منها المواقف المتباينة، وبسبب عدم قدرتهما على التنسيق مع هذه الدول.
وحول عدم نجاح العراق بعد 2003 في الانضمام لمجلس التعاون، يرى عزو أنه "لم يمتلك القدرة على صناعة قرار واضح في مسألة مع من يتحالف، لذلك بقيت مواقفه ضبابية في هذا المجال".
وأضاف بالقول: "كما أن العراق تحول إلى دولة محتلة وخاضعة لنفوذ دول إقليمية عديدة تعد مناهضة لدول الخليج، لا سيما النفوذ الإيراني، بالإضافة إلى المواقف العراقية التي يمكن وصفها بالمتشنجة جداً من عدة أحداث في الخليج".
ويعتقد عزو أنه لا يمكن انضمام العراق إلى مجلس التعاون في المستقبل القريب؛ "لأنه يعيش في ظرف يسعى من خلاله أن يكون الطرف المحايد بين الصراعات الإقليمية، لا أن ينضم إلى أحد هذه المحاور".
وأوضح أن انضمام العراق الى كتلة دون أخرى قد يعرض استقراره -الهش بالأساس- لمزيد من المخاطر.