قم بمشاركة المقال

whatsapp icon facebook icon twitter icon telegram icon

صورة تاريخية للملك سلمان والملك فيصل والملك خالد والملك عبدالله وهم شبان يمارسون هوايتهم

صورة تاريخية للملك سلمان والملك فيصل والملك خالد والملك عبدالله وهم شبان يمارسون هوايتهم
نشر: verified icon كوثر 23 فبراير 2023 الساعة 07:30 مساءاً

حين تعود إلى التاريخ، التاريخ الذي ظهرت فيه العرضة لأول مرة، ستجد أنها بدأت لإخافة الأعداء بإظهار الكثرة العددية أمامهم، وتخويفهم من خلال قرع الطبول وأصواتها، بالإضافة إلى هدفٍ أعلى سموًا، وهو شحذ الحماسة والبسالة للمقاتلين ورفع الروح المعنوية لديهم بترديدهم للقصائد الحماسية، والتي تنسيهم كل شيء عدا النصر والشجاعة. 

وفي التاريخ، سجلت العرضة موقفًا لا يعلى عليه، إذ أنه وفي عهد الإمام محمد بن سعود، حدث هجومًا من عريعر بن دجين زعيم الأحساء رفقة دهام بن دواس أمير الرياض على الدرعية، عام ١١٧٨هـ - ١٧٦٥م بالتحديد. حينها اشتد الأمر على قوات الدولة السعودية في الدرعية، والتي أحسنت بلاءًا في الصمود والتصدي وسطرت ملاحمًا ما تزال موشومة في كبد التاريخ، حينها عزم الأمير عبدالعزيز بن محمد بن سعود على رفع معنويات فرسانه، فلم يجد أفضل من العرضة لتلك المهمة، ليأمر بإقامتها خارج السور، لتنقلب موازين القتال بعد أن أثارت العرضة روح الحماسة والشجاعة في نفوس المقاتلين، واللذين بدورهم ألحقوا بالمعتدين شر هزيمة، وليظهر جليًا تأثير العرضة العظيم. 

والعرضة في أصلها إنما هي رقصة حربية تهدف لإثارة عزائم المقاتلين، ولها تأثير لا يضاهي في إثارة روح الحماسة في نفوس الفرسان، وكانت دائمًا ما تقام قبل التوجه إلى ساحات المعارك، في نقطة تجمع خاصة يلتقي فيها المحاربون بقائدهم، والذي بدوره يستعرضهم ليتأكد من جاهزيتهم، وليقف معهم على قلب رجل واحد ليبعث فيهم روح الاعتزاز والحمية، ويذكرهم بما على كواهلهم من مسؤوليات تجاه القبيلة، والدم والعرض في المقام الأول. بعدها تقام العرضة، على صفوف ذات أداء مهيب ومتزن، من أجل تأدية مهمتها المعروفة، وبالتأكيد كان لها حضور لافت حالة النصر بعد المعركة، إذ تقام العرضة مرة أخرى لأجلهم، احتفالًا واعتزازًا بنصرهم، وتقال القصائد وتلقى، لتسمعها بقية القبائل من حولهم وتتناقلها الألسن جيلًا بعد جيل. 

إذن فالعرضة تمثل صورة من الصور العظيمة لتلاحم القائد وشعبه، والتعاضد الآلي الذي لا يحتاج لخطابات ولا بيانات رسمية، القليل من القصائد وتذكر بطولات الآباء والأجداد، استبسالهم وانتصاراتهم وحسب، يؤديها فرسانه أمام عينيه، بفخرٍ كبير منه ومنهم، مظهرين بها حبهم لأرضهم ولما يترتب عليها، مظهرين اعتزازهم ووفائهم وإخلاصهم للقائد الذي ينظر إليهم أيضًا.

وفي العرضة كان الفارس يشارك في أداء عرضة الخيل وهو على صهوة جواده، وهذه تسمى بالحدوة وتعود تسميتها إلى حداء الخيل، حيث ينفرد الفارس في بدء تلك العرضة إذ يحدو على صهوة جواده بهدف تعريف نفسه للجميع من حوله، متجاذبًا في نفس الوقت الأصوات مع الفرسان الآخرين بكل فخر وحماسة، وهذا يسمى الحادي، لينضم بعد ذلك إلى صفوف العرضة ليشاركهم فيها من على صهوة الجواد. 

وحين تعود إلى الأبجديات البسيطة التي تكونت منها العرضة، فلا بد لك من المرور بالحوربة، وهو النداء الخاص ببدء العرضة، ويطلق عليها البيشنة أو الشوباش أيضًا، وفيها ينادي أحد مؤدي العرضة، أو المحورب كما يطلق عليه، بصوت مرتفع ودائمًا ما يكون محمولًا على أكتاف الرجال، لا لشيء سوى أن يصل مدى صوته مسامع الجميع، حينها يهتف ببيت أو بيتين، أو لربما ثلاثة في الحد الأقصى، أبيات حماسية يستحثهم من خلالها على الحضور، فالعرضة قد بدأت الآن. حينها يبدأ المشاركون في العرضة تنظيم صفوفهم، مشكلين صفين متقابلين، غالبًا ما يكون متوسط عددهم بين الـ40 والـ 50 عارضًا.

وفي العرضة لا بد أن يكون الصف متزنًا دون أي خلل قد يسوده، كل واحد يمسك بيد الآخر ليبدأوا التمايل والاهتزاز يمينًا ويسارًا، أو ما يسمى "النز"، مستمرين في ذلك حتى ينزل المحورب ليلقي عليهم الشطر الأول من البيت، ليبدأون ترديده بالتناوب صفًا صفا. 

ليلقي هو بعد ذلك الشطر الثاني من البيت، ثم يقوم كل صف بترديد البيت الشعري بسكل جماعي وموحد، مستمرين على هذا النسق، قبل أن يبدأ آخرون بقرع الطبول لتتراقص الصفوف معه بثني الركب يمينًا ويسارا، متمايلين بالسيوف المحمولة في أيديهم. والتي يرفعونها أعلى من مستوى الرأس حين سماعهم بيتًا يتضمن الفخر والحماسة، مع رفع أصواتهم أقصى ما يمكنهم، بينما يضعون السيوف على أكتافهم تارة أخرى، باتساق جماعي وتناسق فيما بينهم، وتوافق دقيق لا يعرف خللا.

كوثر

كوثر

صحفي متعدد المواهب، يعمل في كتابة المقالات والأخبار في مجالات متنوعة مثل السياسة، الاقتصاد، الثقافة، والرياضة.

قم بمشاركة المقال

whatsapp icon facebook icon twitter icon telegram icon

المزيــــــد