قم بمشاركة المقال
في جوانب الطرقات وبين الصخور الجرداء، تنمو العديد من النباتات الطبية المعروفة بفوائدها الطبية والعلاجية والغذائية. ومن بين تلك النباتات نجد "الطيون" البرية أو عشبة النبي أيوب، التي تعتبر علاجًا فعالًا لـ 40 مرضًا.
قام موقع "eSyria" بالبحث عن فوائد الطيون، وخاصة استخداماته الطبية المعروفة في الطب الشعبي. وقد التقى بالسيدة "زليخة ميهوب" التي استخدمت أوراق الطيون في علاج ندبة أصابت وجه زوجها. وتقول زليخة: "تكمن فائدة الطيون في أوراقه وجذوره. لقد قمت بجمع بعض أوراقه ودقها، ثم وضعتها فوق الندبة التي أصابت وجهي، وشفيت تمامًا بعد استخدام هذه النبتة دون الحاجة إلى أي دواء آخر".
اقرأ أيضاً
تتمثل فوائد الطيون الأخرى المعروفة لدى أهل الساحل في فتح المجاري التنفسية عن طريق تناول مغلي أزهاره المجففة، واستخدام بخار مغلي جذوره في علاج أمراض البروستات والروماتيزم. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي عصارة الطيون على مواد مفيدة جدًا، ولذا يستخدم في الحد من البدانة وعلاج المسالك البولية وكمطهر للجروح.
تتحدث السيدة "زليخة ميهوب" عن استخدامات نبتة الطيون في المناطق الساحلية، حيث تقول إنها تستخدم لقطع الدم النازف من الجروح بفعالية عالية. يتم ذلك عن طريق وضع كمية صغيرة من أجزاء النبات فوق الجرح والضغط عليها حتى يتوقف النزيف. إذا كان الجرح غائراً، يمكن ربط النبات فوقه لليوم التالي. ويقال إنه لا حاجة لأي علاج آخر للجرح الذي يعالج بالطيون. هناك من يقول إنه يجب تجفيف الأوراق داخل المنزل لعدة أيام، وهناك من يقول إنه يمكن استخدام الأوراق الجديدة مباشرة على الجرح كمادة مطهرة ومخثرة.
اقرأ أيضاً
من ناحية أخرى، تتحدث المهندسة الزراعية "فتاة أحمد"، التي تهتم بزراعة النباتات الطبية، عن نبات الطيون قائلة إنه ينتمي إلى العائلة المركبة ويتميز بأزهار صفراء تشبه النوارات وبذور كثيرة تنتشر بفعل الرياح. كما تتميز أوراقه بشعيرات كثيرة وملمس غروي لزج ورائحة حادة وقوية. ينمو الطيون في فصل الربيع ويستمر بخضرته حتى أواخر الصيف، ثم يتحول للون الأصفر في فصل الخريف. يتميز بأزهار صفراء فاتحة تليها ثمرة شفافة تنفصل عن النبات قبل حلول فصل الشتاء.
تم تصنيف الطيون في الكتب الطبية القديمة كنبات طبي هام، حيث ذكرت هذه الكتب أن الفروع المزهرة تستخدم لعلاج التهاب القصبات الهوائية والسل وفقر الدم وأمراض الجهاز البولي. يمكن غلي الطيون في الزيت واستخدامه على الكدمات والأورام. وذكر المؤرخ والكاتب الروماني "بيليميوس" أن الطيون يقوي الأسنان ويستخدم لعلاج السعال. ويطرد عصير جذوره الديدان ويستخدم المجفف منه لتهدئة تشنجات المعدة وعلاج غازاتها. وفي كتاب الملك "سليمان" ذكر أن الطيون علاج للجروح وأمراض البطن. يعتبر القرويون الفلسطينيون الطيون علاجاً لـ40 مرضاً.
اقرأ أيضاً
تواصل المهندسة "فتاة" قائلة: "استخدم القدامى الطيون أيضًا لتخفيف مرض السكر وارتفاع ضغط الدم، حيث صنفه العرب كأحد أفضل الأعشاب الخمسة لعلاج ارتفاع ضغط الدم. يمكنك وضع خمس أوراق طرية في كوب الشاي لمدة ثلاث دقائق وشربها. أما الاستحمام بمغلي الطيون، فهو علاج لألم والتهاب المفاصل. يمكن إضافة 200 غرام من الأوراق المغلية إلى ماء الحمام الدافئ والبقاء فيه لمدة 30 دقيقة، وهو علاج مفيد لالتهاب المفاصل".
يقول المهندس "حسن صالح" رئيس دائرة حراج طرطوس: "تُعرف هذه النبتة باسم الطيون وتنمو بشكل مستقيم فوق الأرض، وتتشعب أغصانها على الجوانب، وتصبح عودها أكثر قوة مع مرور السنوات لتصبح قاعدتها خشبية. تنمو أوراقها الشعيرات التي تحمل غددًا تفرز المادة العطرية واللاصقة. ولهذا السبب يُطلق عليها اسم viscose علميًا، وهو يعني اللاصقة".
يضيف المهندس "حسن": "يتراوح ارتفاع النبتة بين 50 إلى 100 سم، وتنتج الشعيرة الواحدة حوالي 5000 بذرة. توجد بكثرة في الساحل السوري وعلى جوانب الطرقات، وهي أيضًا موجودة في البادية ومناطق مختلفة. وعلى الرغم من أهميتها الشعبية في بعض الأمور الطبية، إلا أنها لا تلقى الاهتمام الكافي على المستوى الحقلي والعلمي لدينا".
في مجال آخر، اكتشف المزارعون فوائد أخرى للطيون يتحدث عنها المهندس الزراعي "محمد عمور". يشير إلى أن الطيون تساهم في تفادي جفاف الفاكهة، وخاصة تعفن العنب، حيث يتم وضع الثمار على تخت مصنوع من أوراق وأغصان الطيون. كما تشير الأبحاث الزراعية إلى أن عشبة الطيون تحتوي على مواد مطهرة طبيعية وطاردة للحشرات التي تصيب الثمار بالتلف، وهي غير ضارة لصحة الإنسان. يقوم المزارعون بنقع العشبة في الماء الساخن أو غليها ثم رشها على الأشجار المتنوعة مثل التفاح والمشمش والعنب.
ويضيف المهندس "عمور": أظهرت الفحوص المخبرية لمستخلصات أجزاء الطيون (أوراق وساق) أنه يمكن استخدام مستخلص الطيون لإعاقة تلف المنتجات الزراعية الجافة والطازجة، وذلك كبديل للكيماويات السامة المستخدمة حاليًا لرش الأشجار. كما يمكن استخدامه أيضًا لمكافحة الفطريات التي تهاجم البذور المخزنة مثل الفستق وبذور عباد الشمس، حيث أبطأ بشكل كبير نمو هذه الأمراض والفطريات.
وتوصل الباحثون إلى أنه يمكن الاستفادة من صفات هذه العشبة في الزراعة العضوية بدلاً من المبيدات الكيماوية السامة للتخلص من بعض الأمراض التي تصيب النباتات والجذور. وتعتبر هذه الطريقة أفضل بكثير من الأدوية الكيماوية الضارة لصحة الإنسان، ولا تكلف المزارعين سوى قطفها وغليها.