قم بمشاركة المقال
يعد البحر الميت ثروة بيئية عالمية، لكنه يواجه اليوم خطر الزوال إلى الأبد وذلك خلال الخمسين عاما القادمة، إن لم يتم اتخاذ التدابير الوطنية والدولية لإنقاذه.
وقال الخبير البيئي والجيولوجي بجامعة الحسين بن طلال البروفيسور محمد الفرجات، في تصريح لـ عمون إنه تبعا لتسارع هبوط مستويات البحر الميت فإن هنالك تهديدات هندسية وبيئية واقتصادية وسياحية تفرض ذاتها في منطقة ومحيط هذا المعلم العالمي والثروة الوطنية.
اقرأ أيضاً
وأوضح أنه من الناحية الهندسية فإن مناطق الشواطئ في البحر الميت ومع انخفاض منسوب مياه البحر تعرضت إلى زيادة أعداد الحفر الخسفية الهابطة أو الإنهدامية.
ولفت إلى أن منطقة شاطئ البحر الميت وعلى أعماق معينة تحت سطح الأرض تحتوي على سماكات عالية من الطبقات الملحية، وهي عبارة عن رواسب من الأملاح ترسبت عبر آلاف السنوات السابقة، وهبوط البحر الميت يؤدي الى وصول المياه الجوفية العذبة التي تأتي من الشرق عبر الطبقات الجيولوجية فتحل محل المياه المالحة التي كانت تملأ التشققات والتصدعات والفوالق الموجودة في هذه الطبقات الملحية، وتؤدي زيادة الإذابة عبر عشرات السنين إلى حدوث فجوات داخل الأرض وإحتمال كبير لحدوث حفر هابطة خطيرة.
اقرأ أيضاً
وأكد أن هذا الأمر يهدد منطقة البحر الميت والمنشآت السياحية القائمة في المنطقة من فنادق ومنتجعات سياحية وإستشفائية، كما ويهدد المزارع القائمة في بعض المناطق مثل منطقة لسان البحر الميت حيث أنه تم هجر بعض الأراضي الزراعية التي تتعرض للحفر الانهدامية في غور المزرعة والحديثة.
اقرأ أيضاً
وقال الفرجات لـ عمون إنه ومع زيادة التبخر والجفاف تتغير نوعية وكيميائية المياه، وسيكون لذلك أثرا على المدى الطويل على خصائص المياه التي تدخل في صناعات البوتاس وصناعات المواد التجميلية والعلاجية، وتتلخص هذه التغيرات في الصفات الكيميائية بزيادة نسبة الأملاح وتغير في صفات ومعاملات الاشباع للمياه وأطوار وأولويات ترسيب المعادن المختلفة من المياه.
وتابع بأنه على المدى القصير والمتوسط فهذه التغييرات بشكل أو بأخر ليست سلبية، لأن المصانع بالنهاية تقوم بتبخير المياه في أحواض تبخير خاصة للحصول على البوتاس مثلا من خلال عمليات كيميائية معروفة لديهم، وأيضا لا يوجد أثر سلبي على الاستخراجات والصناعات التجميلية والعلاجية، وبالتالي يبقى الأثر على الصناعة لا يذكر بجانب الأثر على السياحة والزراعة والصناعات القائمة والمساكن من حيث المخاطر الهندسية بوجود تهديد الحفر الهابطة.
وأكد الفرجات أن المخاطر البيئية الحقيقية تكمن بخسارة معلم بيئي تاريخي يشكل ارثا عالميا، وهو مهدد بالفقدان خلال الخمسين عاما القادمة، قائلا : "هذا ليس جيد ويعد جريمة بحق الأجيال القادمة، وبالتأكيد سيمس الأنظمة البيئية الفيزيائية (صخور ومياه وغازات) والبيولوجية (التنوع الحيوي في المنطثة بأشكاله) في المحيط الجغرافي كاملا".
ويشير الفرجات إلى وجود نوع من الاتزان الهايدروديناميكي بين المياه الجوفية العميقة ومياه البحر الميت، وأنه تبعا لذلك فهنالك حاجز كالبرزخ بين المياه الجوفية العذبة والمياه المالحة التابعة للبحر الميت في الطبقات الواقعة إلى الشرق من شواطئه، وأن انخفاض مستويات البحر الميت يؤدي لخلل في هذا التوازن وإلى هجرة البرزخ أكثر نحو الغرب وفقدان كميات أكبر من المياه الجوفية، مما يؤثر على الخزان الجوفي العميق والخزانات الواقعة فوقه، وحسب المقطع الهيدروجيولوجي المرفق، والذي نشره البروفيسور الألماني بيتر أودلوفت والبروفيسور إلياس سلامة من الجامعة الأردنية.
وقال البروفيسور الفرجات إنه وبلا أدنى شك فإن غياب الحلول سيؤدي الى التأثير على المنشآت الصناعية والمنشآت السياحية والزراعية وقرى المنطقة.
وأنهى حديثه لـ عمون بأنه أمام إستراتيجيات السياحة والصناعة ورؤى تطوير البحر الميت إقتصاديا، وأمام توجهات زيادة الانتاج التي تأخذ بعين الاعتبار تحسين جودة المنتج وزيادة كمياته، يبقى السؤال الأهم هو.. هل يوجد بالتوازي مع ذلك خطط لاستدامة هذا الإرث العالمي والمصدر البيئي الحيوي بأنظمته المختلفة؟.